ثانياً : تقسيم الألفاظ باعتبار طريق الدلالة .

المقال

ثانياً : تقسيم الألفاظ باعتبار طريق الدلالة .

11811 | 09-05-2010 07:53
* ثانياً: تقسيم الألفاظ من حيث طريق الدلالة

وتنقسم عند الجمهور إلى قسمين: (منطوق، مفهوم)

**المنطوق:

وهو ما دل عليه اللفظ بمنطوقه (أي بوضعه اللغوي) ،كتحريم التأفيف فهو منطوقُ قولِه تعالى: {فَلا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ}، وينقسم المنطوق إلى قسمين:

1- صريح: وهو ثلاثة أنواع (الحقيقة الوضعية والحقيقة الشرعية والحقيقة العرفية) وتسمى الحقائق –ولعلنا نفردها في بحث خاص بإذن الله – وهي قسيمة المجاز .

2- غير صريح: وينقسم إلى ثلاثة أقسام:

أ‌- دلالة الاقتضاء: وهي دلالة اللفظ على محذوف لا يستقيم الكلام بدونه، كحديث (رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ) فالخطأ في قوله (رُفِعَ) لم يُرفَع بذاته لأنه موجود في الواقع، وإنما يحتاج الكلام هنا إلى تقدير محذوف لا يستقيم الكلام بدونه ويسمى (المقتضى)، واختلفوا في ذلك المحذوف فبعضهم يجعله عاماً فيرفع حكم الخطأ كما عند الجمهور، ويجعله بعضهم خاصاً فيقول بأن المرفوع هو الإثم فقط كما عند الحنفية.

ب‌- دلالة الإيماء والتنبيه: وهي أن يُقرن الحكم بوصفٍ لو لم يكن ذلك الوصف هو العلة لكان الكلام معيباً، كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فالحكم وهو القطع مقترن بوصف وهو السرقة فلو لم يكن هذا الوصف هو العلة لكان عيباً في الكلام، أي حشواً لا فائدة منه، والشارع منزه عن ذلك.

ت‌- دلالة الإشارة: وهي دلالة اللفظ على معنى غير مقصود أصالة بل تبعاً، كأخذهم أقل مدة للحمل من آيتي: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً}، {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} فخرج من مجموع الآيتين أن الحمل مدته ستة أشهر.

-ـــــــــــــــــــــــــ



** المفهوم:

وهو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق. حيث إنه لم يوضع في لغة العرب لذلك المعنى، وإنما انتبه الذهن إلى معناه فاقتنصه من خلف النص الذي نطق بالحكم ، كتحريم الضرب للوالدين الذي أفاده ذلك اللفظ مع عدم نطقه به ، لذا سمي (مفهوماً) لكونه أشد على الأذهان من المنطوق في تشغيل الأفهام واستعمالها ، إذ المنطوق لا يحتاج في معرفته فهماً دقيقاً بل هو قريب من الذهن .

وينقسم المفهوم إلى قسمين:

1- مفهوم الموافقة: وهو موافقة المسكوت عنه للمنطوق به في الحكم، كموافقة الضرب للتأفيف في الحكم وهو التحريم.

وهذا النوع لا خلاف فيه بين العلماء، وإنما اختلفوا في كونه من قبيل الدلالة اللفظية أو من قبيل الدلالة القياسية، فالجمهور على أنه من قبيل الدلالة القياسية، وذهب الجويني ومن معه إلى أنه من قبيل الدلالة اللفظية.

2- مفهوم المخالفة: وهو مخالفة المسكوت عنه للمنطوق به في الحكم، فإن قولك: (في الغنم السائمة الزكاة) منطوقه وجوب الزكاة في السائمة، ومفهومه عدم الوجوب في غير السائمة.





* حجية مفهوم المخالفة:

اختلفوا في حجية مفهوم المخالفة على قولين:

1- الجمهور: على الاحتجاج به.

2- الحنفية وبعض المالكية: على عدم الاحتجاج به.

- أدلة الجمهور على حجية مفهوم المخالفة:

1- اللغة:

حيث نص جمع من أهل اللغة على اعتبار مفهوم المخالفة وإعماله عند أهل اللغة، ومنهم الإمام الشافعي.

2- فهم الصحابة  :

ومن ذلك استغراب عمر  وبعض الصحابة من قصر الصلاة حال الأمن حيث جاء عمر  إلى النبي  فقال له: ما بالنا نقصر وقد أَمِنَّا، والله سبحانه وتعالى يقول: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ} فقال  : (صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ) فلم ينكر النبي صلى الله وسلم على عمر في هذا التطبيق لهذا القانون الأصولي بل أقره عليه فدل على أنه وجه أصولي معتبر .

* ضوابط الأخذ بمفهوم المخالفة عند الجمهور:

قال الناظم رحمه الله:

. . . . . . . . . . . . . . . . :: ودع إذا السـاكت عنـه خافا

أو جهل الحكم، أو النطق انجلب :: للسؤل، أو جرياً على الذي غلب

أو امتنـان، أو وفـاق الواقـع :: والجهل والتأكيـد عند السـامع



فالضابط العام هنا (أن لا تكون هناك فائدة من تقييد الحكم بذلك القيد إلا نفيه عند انتفاء ذلك القيد ، أما لو كانت هناك فائدة أخرى فحينئذ لا يلتفت إلا المفهوم ولا يطبق بل نتجه إلا الفائدة الأخرى ،، وفي الأبيات السابقة بيان لهذا الضابط وتعداد لتلك الفوائد اأخرى : كأن يكون سكوته عن ذلك الجزء لخوفه أو جهله بالحكم لا لكي يعطى نقيض الحكم المنطوق به ،، أو النطق جاء لمطابقة السؤال ، أو لكونه خرج مخرج الغالب أو موافقة الواقع أو التأكيد ... فهنا نتوقف عن استعمال المفهوم المخالف ونتحه إلى التشبث بتك الفوائد لتكون هي الدافع إلى السكوت عن ذلك الجزء الذي لم ينطق به الدليل ) ....

جديد المقالات

موقع أصول الفقه