الأدلة المختلف فيها : (شرع من قبلنا)

المقال

الأدلة المختلف فيها : (شرع من قبلنا)

12863 | 12-04-2010 10:08

**شرع مــن قبــلنا

المقصود بشرع من قبلنا : أحكام العبادات والمعاملات وغيرها في الشرائع السماوية السابقة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم والتي نزلت على أحد الأنبياء عليهم السلام.

لفهم واستيعاب هذا الدليل المختلف فيه نحتاج إلى المسـائـل التالية :

المسألة الأولى :
لا خلاف بين المسلمين أن الشريعة الإسلامية قد نسخت جميع الشرائع السابقة كشريعة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى -عليهم السلام- . قال الله تعالى : ʆ آل عمران:

٨٥.

المسألة الثانية :
لا خلاف أنها لم تنسخ تلك الشرائع على وجه التفصيل ؛إذ لم ينسخ وجوب الإيمان بالله وتحريم الزنا والسرقة والقتل والكفر والضروريات الخمس وهي: حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ المال وحفظ العقل وزاد السبكي «حفظ العرض» .

المسألة الثالثة :
في طرق نقل تلك الشرائع إلينا :

له طريقان :

1- ما نقل إلينا عن طريق كتبهم أو على ألسنة أصحاب تلك الشرائع:

فلا خلاف أن هذا الطريق ليس بحـجـة , ولا يعمل به . لماذا؟ لأنها محرفة ومبدلة ومغيرة لقوله تعالى : • آل عمران: ٧٨.


***
2- ما نقل إلينا بطريق شرعنا- الكتاب والسنة-: و له ثلاث حالات : منها حالتان مجمع على حكمها :

الحالة الأولى : أن يقترن بها ما يدل على أنها مشروعة في حقنا فهنا يجب العمل بلا خلاف.

الأمثلة : &; البقرة: ١٨٣.

وكشرعية الأضحية : قال اصحاب النبي  : ما هذه الأضاحي؟ قال : «سنة أبيكم إبراهيم » قالوا : فماذا فيها يا رسول الله ؟ قال : «بكل شعرة حسنة » قالوا : فالصوف قال : «بكل شعرة من الصوف حسنة» أحمد والحاكم وصححه.

الحالة الثانية : أن يقترن بها ما يدل على أنها منسوخة في حقنا فهنا لا خلاف أن هذا ليس شرعاً لنا.

الأمثلة :  الأنعام: ١٤٦. ، حيث كان ذو الظفر (كالإبل والبط وغيرها) محرماً على بني اسرائيل .

من السنة حديث : « وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي » متفق عليه.

الحالة الثالثة : ما نُقل بالكتاب أو السنة دون التعرض لمشروعيته أو نسخه.

الأمثلة : الجعالة : وهي الاجارة على منفعة مظنون حصولها.

ووردت الجعالة في شرع من قبلنا :  يوسف: ٧٢.

جعل المنفعة مهراً : و ورد هذا في شرع من قبلنا :  القصص: ٢٧.



الحنفية يرون قتل المسلم بالذمي ودليلهم :  المائدة: ٤٥. وهذا استدلال بشرع من قبلنا.



** اختلف الأصوليون في هذه الحالة – فيما إذا نقله شرعنا دون نسخ له ولا تقرير بلزومه لنا :

القول الأول : هو شرع لنا . المالكية والحنفية و رواية عن أحمد ونسبه أبن

السمعاني إلى أكثر الشافعية واختاره الرازي وابن الحاجب .

القول الثاني : ليس بشرع لنا. نسب إلى الشافعية ورواية لأحمد واختارها الغزالي والآمدي. .

** الأدلـة :

أدلة المثبتين : من الكتاب : &#; الأنعام: ٩٠.



فأمِرَ النبي  باتباع هداهم وشرعهم من هديهم والأمر للوجوب .

وسأل مجاهد ابن عباس رضي الله عنهما : أأسجد في سورة ص . قال : نعم فإن داود عليه السلام من الأنبياء الذي أمِرَ النبي أن يهتدي بهم . وتلى الآية السابقة .

(&; النحل:

١٢٣. والأمر للوجوب.

 النساء: ١٦٣.

&#; الشورى: ١٣.



رد على استدلالهم بهذه الآيات : الهدي والملة والشرع المقصود بها التوحيد لأنه مشترك بين جميع الملل .

أجاب المثبتون : أن هذا تقييد من غير مقيد.

من السنة :

1- أنه عند ما طلب من النبي  القاصا في سنٍ كُسرت . قال : «كتاب الله يقضي بالقصاص» ولا يوجد في القرآن إلا حكاية عما في التوراة.

رد عليهم : أنه موجود في القرآن بقوله تعالى : &#; البقرة: ١٩٤.



2- حديث : « من نام عن صلة أو نسيها فليصلها متى ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك , وتلى : ᠙. وهي نزلت لموسى عليه الصلاة والسلام.

در عليهم : أن موجب الحكم ليس الآية وإنما الحديث.

3- مراجعة النبي  للتوراة في رجم اليهوديين الذين زنيا . فسأل النبي اليهود « ماذا تفعلون بها» قالوا : ننسخ وجوههما , ونخزيهما . فقال النبي  « ائتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين» فوض القارئ يده على آية الرجم ثم .... الله . رواه البخاري.

رد عليهم : النبي إنما رجع إلى التوراة ليظهر كذب اليهود.

من المعقول : أن الرسول  السابق لا يخرج عن كونه رسولاً ببعثة رسول بعده , فكذلك شريعته التي رضيها الله قبل بعثة رسول آخر يكون معمولاً بها ما لم يقم دليل النسخ لها , &#6البقرة: ٢٨٥. وبهذا

يتبين أن الأصل في شرائع الرسل الموافقة . إلا إذا ظهر تغيير الحكم بدليل النسخ.

** أدلة النفاة :

من الكتاب:  61640; المائدة: ٤٨. يدل على أن كل أمة مختصة بشرع.

الجواب على الاستدلال هنا : لما وُجد الاختلاف بين الشرائع أصبحت كل شريعة خاصة بمن بعتت له , وكون الشرائع تتفق في بعض الأمور لا يعني عدم الخصوصية.

من السنة :

1- حديث معاذ : بم تحكم ؟ .....

وجه الدلالة : لم يذكر شرع من قبلنا.

الجواب : شرع من قبلنا تدل عليه نصوص الكتاب , والسنة فاكتفي به , وجواب آخر : الحديث ضعيف.

2- حديث «أعطيت خمساً لم يعطهن نبي قبلي... – ومنها - وبعثت إلى الناس عامة» فرسالة الأنبياء السابقين خاصة لقومهم.

3- أن عمر  أتى النبي بألواح من التوراة فغضب النبي  وقال : « أمتهوكون –أي متعجلون- فيها يا بن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئت بها بيضاء نقية , ولو كان موسى حياً ما وسعه إلا إتباعي» رواه أحمد وحسنه الألباني.

من الإجماع : استدلوا بإجماع المسلمين على أن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم ناسخة ولو قلنا بشرع من قبلنا لخالفنا الإجماع , ولصارت شريعته مقررة ومخبرة وليست ناسخة.

الجواب : أنها ناسخة لما خالفها لأن النسخ يحتاج إليه عند التخالف والتنافي لذا لم تنسخ التوحيد.

من المعقول : لو كانت الشرائع السابقة حجة لكان تعلمها فرض على الكفاية ولما توقف النبي وأصحابه في بعض المسائل.

تنبيه : قال بعض الباحثين : يبدو أن الخلاف لفظي لأنه من خلال الفروع الفقهية نجد أن القائلين بأنه حجة قلما يستدلون به إلا ويعضدونه بدليل معتبر في شرعنا , والقائلون بعدم حجية يذكرونه في فروعهم على سبيل الاستئناس ويسوقونه وإن كانوا لا يعتمدونه أصلاً .اهـ.

الأثر الفقهــي –الفروع-.

مسألة : من نذر أن يذبح ابنه:

الحنابلة والحنفية : كبش لأن هذا شرع من قبلنا. ،الحنابلة في رواية : كفارة يمين.

الشافعية : لا شيء، وكان ابن عباس يرى أن على الأب منة من الإبل , فقال أحد التابعين : إنه ليس أفضل من إسماعيل , فرجع ابن عباس رضي الله عنهما.

مسألة أخرى : ضمان ما تتلفه الدواب ليلاً .

اختلفوا على أقوال أهمها.

الجمهور : الضمان على أصحاب الدواب. ،واستدلوا بشرع من قبلنا : &#6156 الأنبياء: ٧٨. ثم قال : ﭽ  الأنبياء: ٧٩. فقضى سليمان على أصحاب الدواب بالضمان . والنفش : الرعي

ليلاً . والهمل : الرعي نهاراً.

الحنفية يقولون : لا ضمان على صاحب الدواب.

«العجماء جبار» أي ما تتلفه الدواب فهو هدر لا ضمان فيه إلا إذا حصل تعدي.
*****

جديد المقالات

موقع أصول الفقه