الأدلة المختلف فيها : (الاستحسان

المقال

الأدلة المختلف فيها : (الاستحسان

24107 | 12-04-2010 09:57
** الإستحسان

تعريفه - أنواعه -محل النزاع فيه -حجيته .

** قبل الشروع في تحليل هذا النوع من مصادر التشريع المختلف فيها يجب أن أعطيك الميزة التي يمتاز بها هذا المبحث الأصولي عن بقية المباحث الأخرى ، وذلك أن العادة في المباحث الأصولية بل وغير الأصولية أن تكون التعريفات الاصطلاحية محل توافق بين الخصوم ، ويبدأ العراك الفكري فيما بعد ذلك من المسائل والأحكام ، لكن الاسالإستحسان

تعريفه - أنواعه -محل النزاع فيه -حجيته .

** قبل الشروع في تحليل هذا النوع من مصادر التشريع المختلف فيها يجب أن أعطيك الميزة التي يمتاز بها هذا المبحث الأصولي عن بقية المباحث الأخرى ، وذلك أن العادة في المباحث الأصولية بل وغير الأصولية أن تكون التعريفات الاصطلاحية محل توافق بين الخصوم ، ويبدأ العراك الفكري فيما بعد ذلك من المسائل والأحكام ، لكن الاستحسان أتى على خلاف ذلك حيث دارت معارك الخلافيين في تعريفه اصطلاحاًًً وتضاربت عباراتهم في تحديده ، وهذا ما نراه قريباً ، ولما انتهى القوم من التعريف الاصطلاحي وانكشفت أوراقه فوجئوا أن لا محل يصلح ميداناً للنزاع فيما بعد ، وبالفعل اعترف كثير من محققي الأصول بهذا الأمر فقالوا (لا يتحقق استحسان مختلف فيه) ، ولك أن تقول لو أن الأصوليين وغيرهم تركوا الاختلافات في المسائل وجعلوها مقتصرة على تحرير الأمر وتحديده ليعرف كل واحد مراد خصمه لارتحنا من كثير من الصراعات والنزاعات الفكرية ، وهذا الدرس نستفيده من هذا المبحث وقلّ أن تجد له نظير في غير هذا الموضع وسيأتي في تحرير محل النزاع ما يكمل فكرته .

- الاستحسان -

تعريفه : لغة:- من الحسن وهو عَدٌ الشيء واعتقاده حسناً

وفي الإصطلاح له عدة تعريفات :

1. "ما يستحسنه المجتهد بعقله" قال الغزالي : وهو المتبادر إلى الذهن.

2. "دليل ينقدح في نفس المجتهد يعسر عليه التعبير عنه" .

3. "الأخذ بأقوى الدليلين"، وقيل: العمل بأقوى الدليلين .

4. " الأخذ بقياس خفي معارض لقياس جلي" .

5. "الأخذ بمصلحة جزئية في مقابل دليل كلي" قاله الشاطبي .

6. "العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص من كتاب أو سنة" .

7. "العدول بالمسألة عن حكم نظائرها إلى حكم آخر لوجه أقوى يقتضي هذا العدول" .

وهذا هو التعريف الراجح وهو أحسن التعريفات لأنه يشتمل على جميع أنواع الإستحسان .

ولأنه يبين أساسه ولبهٌ وهو أن يأتي المجتهد بحكم يخالف قاعدة مطردة لأمر يجعل هذا الخروج عن القاعدة أقرب إلى الشرع من الإستمساك بالقاعدة.

** تحرير محل النزاع (في الإستحسان ) .

هناك جانبان :-

1. من جهة اللفظ :

لا خلاف بين الأصوليين في جواز إطلاق اللفظ (لفظ الإستحسان لورود في الكتاب و السنة وأقوال المجتهدين السلف .

من الكتاب قوله تعالى الذين يستـمعون القول فيتبعون أحسنه

واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم .

ومن السنة حديث ( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن ) وهذا الحديث لا يثبت مرفوعاً بل هو موقوف على ابن مسعود .

وقال الإمام الشافعي : أستحسن أن يترك السيد شيئاً من أنجم المكاتبة ثم تلا قوله تعالى :( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ).

2- من جهة المعنى :

المتأمل في تعريفات ومعاني الإستحسان المتقدمة يجد أنها إما أن تكون مقبولة باتفاق أو مردودة باتفاق :

فمن المردود باتفاق قولهم : "مايستحسنه المجتهد بعقله" لأن الحكم لله تعالى ، وليس العقل مشرعاً مع الله .

وأما قولهم : هو "دليل ينقدح في نفس المجتهد .... إلخ" فهذا فيه جانب مردود باتفاق وجانب مقبول باتفاق فإن كان معنى ينقدح أي يثبت و يستقر :

فهذا مقبول باتفاق وإن كان معنى ينقدح أي يشك و يتردد: فهذا مردود باتفاق لأن الشريعة لا تنبني على الشكوك و الأوهام و إنما تبنى على القطع وغلبة الظن.

وأما بقية التعريفات فمقبولة باتفاق لأن مدارها على العمل بأقوى الدليلين كما قال بعض المالكية : العمل بأقوى الدليلين , وكما هو التعريف المختار . وهذا لا خلاف في قبوله .

قال ابن السمعاني :" فإن تفسير الاستحسان بما يُشَنَّعُ به عليهم لا يقولون به وإن تفسير الاستحسان بالعدول عن دليل إلى دليل أقوى منه فهذا مما لا ينكره أحد.

وقال أيضا : إن كان الاستحسان هو القول بما يستحسنه الإنسان ويشتهيه من غير دليل فهو باطل ولا أحد يقول به" .

وقال البزدوي الحنفي : " وأبو حنيفة أجل قدر وأشد ورعا من أن يقول في الدين بالتشهي ، أو عمل بما استحسنه من غير دليل قام عليه شرعاً " .

وقال الشوكاني : إن ذكر الاستحسان في مبحث مستقل لا فائدة فيه أصلا لأنه إن كان راجعاً إلى الأدلة المتقدمة فيكون تكراراً

وإن كان خارجاً عنها فليس من الشرع في شيء بل هو من التقول على هذه الشريعة , فما لم يكن فيها تارة وبما يضادها أخرى .

قال سعد التفتزاني : منشأ الخلاف عدم تحقق مقصود الفريقين . أهـ

ولعل سبب عدم تحقق المقصود هو تعدد لفظ الاستحسان في فتاوى المجتهدين كأبي حنيفة مما أدى إلى عدم ضبطه في ضابط واحد يصلح أن يكون محلا للنزاع.

ولا أدل على هذا من مقولتي مالك وتلميذه الشافعي ، فالشيخ يقول : (الاستحسان تسعة أعشار العلم ) ، والشافعي يقول : (من استحسن فقد شرع) ولا يمكن أن نحمل هذا على التصادم بينهما بل لكل مقصوده الذي يوافقه عليه الآخر تماماً ، فمالك يقصد أن نسبة المسائل التي تحتاج إلى ترجيح وموازنة بين الأقوال قد تصل إلى نسبة (90%) من مسائل العلم والباقي هو من الأمور القطعية التي لا تحتاج نظراً واستحساناً ، وتلميذه الشافعي –رحمهما الله وسائر علماء الأمة – يقصد الاستحسان العقلي المجرد الذي ينصب العقل مشرعاً مع الله تعالى وهذا لا يقوله أحد حتى المعتزلة !! وإن كانوا –اعني المعتزلة – يطبقونه على أرض الواقع إلا أنهم لا يجرؤن على التصريح به وليس هذا مكانه .

أقسام الاستحسان :

عند الحنفية : ينقسم ستة أقسام :

1/ استحسان بالنص ( الكتاب والسنة )

من القرآن : الوصية بالقياس : أنه تمليك مضاف إلى زمن زوال الملكية وهو ما بعد الموت .

والنص يقول من بعد وصية يوصي بها أو دين ))

من السنة : الأكل والشرب ناسيا القاعدة : من أكل أو شرب في نهار رمضان يبطل صومه .

والنص يقول : (( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه )) متفق عليه وكالسلم والعرايا .

2/ استحسان بالإجماع :

مثل الاستصناع القاعدة : والقياس المنع لأن المعقود عليه معدود ولكن نستحسن بالاجماع ؛ لأنه أجيز لتعامل الناس من غير نكير فصار إجماعاً .

3/ استحسان بالعادة والعرف :

كأجرة الحمام القاعدة : المنع لأن المنفعة مجهولة .

ويجوز التعامل به ؛ لأن العادة والعرف جرت عليه وكالشرب من السَّقَّا .

4/ استحسان بالضرورة :

وهي أن توجد ضرورة تحمل المجتهد على ترك القياس (( لا ضرر ولا ضرار )) مثل تطهير الآبار بالنزح للماء جميعه أو بعضه .

والقياس : أن نزح البعض لا يطهر الباقي ونزح الكل لا يفيد لملاقاة النجاسة لمنبع الماء .

5 / استحسان بالقياس الخفي : ويمثلون له بسؤر سباع الطير .

القياس الجلي : أن سؤر السباع ( سباع الطير ) تنجس قياسا على سباع البهائم .

والقياس الخفي : أنه طاهر قياسا على الآدمي لأن سباع البهائم يخالط لعابها يخالط الماء النجس مباشرة . بخلاف سباع الطير لأنها تشرب بمناقيرها والمنقار عظم جاف لا رطوبة فيه فيكون طاهراً لانعدام الرطوبة النجسة في أداة الشرب , ولكنه يكره لأن سباع الطير لا تتحرز من الميتة .

6/ استحسان مصلحة : كضمان الصناع ( الأجير المشترك ) كالغسّال والخياط ,,,,,,,,,,,,

**************

جديد المقالات

موقع أصول الفقه