( كيف نختلف) ::مدخل الآداب::

المقال

( كيف نختلف) ::مدخل الآداب::

2027 | 09/10/2009

** الأدب الحري بالاختلاف (كيف نختلف؟)

يحتاج الاختلاف والنزاع إلى أن يراعى فيه الأدب والخلق الحسن ،

وذلك أن الاختلاف في الغالب يكون مظنة التشاحن والخروج عن السلوك المستقيم .

فالنفوس جنود مجندة ما تنافر منها اختلف وما توافق منها ائتلف كما أخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام .

* وضرب لنا أبو الحسن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قاعدة في هذا حيث قال :ـ (( وكثرة الوفاق نفاق ، وكثرة الخلاف شقاق ))

فكما أن الموافقة الدائمة والإمَّعية قد تكون نفاقاً ؛ وذلك لأن المحرك حينئذ للعقل هو موافقة الناس لا موافقة الدليل ، وهذا مسلك مذموم لأنه قد يؤدي إلى ترك العمل بالدليل والتملق والمحاباة للناس في الدين وهذا هو عين النفاق .

فكذا المخالفة الدائمة وأن يكون الإنسان ينزع إلى المخالفة والاختلاف، ويحب أن ينفرد عن غيره ، وهذا سبيل إلى الشقاق والتنافر والتباعد ، فالمحرك له ليس الدليل الشرعي ، بل حب الانفراد والنزعة إلى الاختلاف وهذا مسلك فاسد ، فزيادة على كونه غير مضبوط بالدليل فهو أيضاً مؤدي إلى التنافر والشقاق فيكون الإنسان الملازم لهذا المسلك في عزلة وفرقة وشذوذ وينسب إلى الشقاق والعناد .

فأنعم بهذه المقولة من أبي الحسن ـ رضي الله عنه ـ

* ومما يؤيد أن الاختلاف مظنة للخروج عن الأدب قول أبي بكر الآجري :ـ (( وعند الحكماء: أن المراء أكثره يغير قلوب الإخوان ، ويورث التفرقة بعد الألفة ، والوحشة بعد الأنس )) < أخلاق العلماء ص63 >.

كما أن الخلاف والمراء سببان للقطيعة ،* قال عبد الله بن حسن :ـ

(( المراء يفسد الصداقة القديمة ، ويحل العقدة الوثيقة وأقل ما فيه أن يكون المغالية ، والمغالية أمتن أسباب القطيعة )) < جامع بيان العلم : 324 >

والمراء لا يكون إلا عند الاختلاف ، فيكون الاختلاف وسيلة إلى التشاحن والقطيعة

لذا احتيج إلى التنبية على ضرورة أن يؤصل أدب الخلاف ، وأن يعنى طلاب العلم بالبحث فيه ودراسته ومعرفة كيفية التعامل مع المخالف ، وما هي الآداب المرعية في ذلك بناءً على ما كان عليه سلفنا المبارك وما اقتضته نصوص ديننا الحنيف .

ومما يؤيد أحقية الخلاف المستقيم(*) في الأدب والخلق الحسن : أن جمعاً من العلماء اعتبروا الخلاف رحمة وتوسعة على الأمة .

* يقول عمر بن عبد العزيز : ((ما أحب أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا ؛ لأنه لو كانوا قولاً واحد كان الناس في ضيق وإنهم أئمة يقتدى بهم ، فلو أخذ رجل بقول أحدهم كان في سعة )).< جامع بيان العلم :302 >

* عن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال : ((لقد نفع الله باختلاف أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في أعمالهم ، لا يعمل العامل بعمل رجل منهم إلا رأى أنه في ، ورأى أن خيراً منه قد عمله )) < ص:301 >

* وقال عمر بن عبد العزيز في اختلاف الصحابة :ـ (( فما يسرني أن لي باختلافهم حمر النعم )) .

قال ابن عبد البر تعقيباً :ـ ((هذا فيما كان طريقة الاجتهاد )) < 302 >

إذا تقرر هذا وعملنا أحقية الخلاف المعتبر أن لا يخرج به المتعامل معه والناظر فيه عن الآداب ، فما هي الآداب المعتبرة المرعية في هذه الحالة ؟

الآداب عديدة وواسعة بسعة الأخلاق الحميدة ، فهذا الدين قال فيه صلى الله عليه وسلم :ـ (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) .

فالأخلاق من أعظم ماراعاه الدين ، وقرره الشرع المتين ، وهو أثقل شيء في الميزان ، قال صلى الله عليه وسلم :ـ "أثقل شيء في الميزان حسن الخلق" . وفي الحديث :

- سئل صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال : تقوى الله وحسن الخلق". ...

وضدها وهي الأخلاق السيئة ورد النهي أشد النهي عنها ، وأنها تفسد العمل كما يفسد الخل العسل كما في الحديث .

والشارع الحكيم كما أنه بنى هذا الكون على قوانين محكمة ثابتة راسخة ، فإنه أيضاً جاء بقوانين الأخلاق< أخلاقنا د/ محمد جوهري : 25 >

فجعلت الأخلاق ثابتة راسخة محكمة لا يعتريها نسخ ولا تبديل

وعليه فالأخلاق هي الحاكم على التعامل مع الاختلاف::

::وفيما يلي جملة من الآداب ::

جديد المقالات

موقع أصول الفقه