تنبيه على النمــــــــاذج (بماذا نختلف)

**تنــــــــــــبيه :

المنع من الاختلاف في العقائد لا يمنع من مجادلة أهل الكتاب ، وأهل البدع والأهواء ، إذا كان الناظر في خلافهم قوي الحجة ، وكان يريد رد الباطل ـ كما تقدم قريباً ـ أو كان لتأليف قلوبهم لدخول الإسلام ، أو الرجوع عن البدعة قال تعالى : ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) .

وكما يؤيده أيضاً هذا الموقف العمري :

( كان لعمر رضي الله عنه أرض بأعلى المدينة ، فكان يأتيها وكان طريقه على موضع مدارسة اليهود ، وكان كلما مرّ دخل عليهم فسمع منهم ، وأنه دخل عليهم ذات يوم فقالوا يا عمر ما من أصحاب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحد أحب إلينا منك ، إنهم يمرون بنا فيؤذوننا ، وتمر بنا فلا تؤذينا ، وإنا نطمع فيك ، فقال عمر : أي يمين فيكم أعظم ؟ قالوا الرحمن . قال : فبالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء أتجدون محمداً عندكم نبياً ؟ فسكتوا فقال :تكلموا ما شئنكم ؟ والله ما سألتكم وأنا شاك في شيء من ديني ، فنظر بعضهم إلى بعض فقام رجل منهم فقال : أخبروا الرجل وإلا أخبرته ، قالوا : إنا نجده مكتوباً عندنا ، ولكن صاحبه من الملائكة الذي يأتيه بالوحي هو جبريل وهو عدونا وهو صاحب كل عذاب وقتال وخسف ، ولو أنه كان وليه ميكائيل لآمنا به ، فإن ميكائيل صاحب كل رحمة ركل غيث ، قال لهم عمر: فأنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء أين ميكائيل وأين جبريل ؟ فقالوا : جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، قال عمر : فأشهد أن الذي هو عدو للذي عن يمينه هو عدو للذي عن يساره ، والذي عدو للذي هو عن يساره عدو للذي هو عن يمينه ، وأنه من كان عدوًا لهم فإنه عدو لله تعالى ،فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم (( قل من كان عدوا لجبريل ..)) الآيات .

قال ابن عبدالبر معلقاً : ( وهو باب من الاحتجاج لطيف مسلوك عند أهل النظر ) < 326 > .